Sunday, February 9, 2014

حرية التعبير وشراب الشعير "تشرب بيرة"

تم نشرة علي موقع الموجز الإلكتروني بتاريخ 10فبراير2014 
"ماء + شعير + خميرة" معادلة سهلة ، طبقا لموسوعة الويكيبيديا "البيرة" أو شراب الشعير مذكور في سجلات التاريخ في مصر القديمة وفي العراق ، بمعني أنه عربي المنشأ ، كالعادة الحاجة أم الإختراع ، مؤكد أن هناك عدة أسباب لظهور البيرة ، فبعض الدراسات أثبتت أنها أستخدمت كدواء ، لأنها تقتل العديد من البكتيريا في الجسم ، وعلماء ذكروا أن الشعوب قديما أهتموا بالزراعة لضمان إستمرار إنتاج البيرة وليس العكس ، وقد تسببت في دعم إستقرار المجتمع بشكل عام حول مناطق الزراعة قبيل ما يقرب من 20الف عام ... في النهاية كانت لها أهميتها مثل الطعام ، وأصلها عربي ودعمت الإستقرار ، لا تتعجب عزيزي القارئ ، فأنت أمام شعب صاحب مزاج.

الرغبة في الضحك والإبتسام طبيعة لا يمكن تجنبها ، خفة الدم سمة يتمتع بها المواطن المصري ، فمثل ما اخترع البيرة ، اخترع النكتة ، حتي وصلنا لمرحلة السخرية من صورتنا  في المرآة ، أسمع أحد القراء يسأل ، وما العلاقة بين هذا الحديث وذاك؟ ، وأقول أنا ، البيرة والسخرية بينهم إرتباط ضمني من قديم الأذل ، وخاصة لمن يشرب البيرة ذات تركيز الكحول الأعلي ، ليحصل علي الحد الأدني من السُكْر ، فيدخل في حالة مختلفة فيها بهجة ، علي حد تعبيرهم ، ولماذا الحاجة دائما الي محفز للبهجة ، سؤال يَعْبُر فِكري دائما ، الإبتسامة في حياتنا أصبحت في حاجة مستمرة للدعم ، والمزاج دائما حافز جيد إذن ، لك حرية الإختيار ،إشرب "بيرة" ، أو شاهد "البرنامج".

في الحالتين أنت تبحث عن الحالة ، وتشتريها بمقابل ، فتشتري الشراب ، وتشتري الضحك عندما تفتح التلفزيون لمشاهدة الكوميديا في أي صورة ، هل يعي المواطن المصري أنه أصبح وسيلة لأكل العيش؟ ، فهو باب رزق للعديد من المذيعين والممثلين ، الكل يبحث عن الحدث الساخر ، هل تستطيع السخرية دعم إستقرار الوطن ،كما زعم البعض عن تاريخ البيرة؟ ما أراه الأن صاحب الحدث الذي تقوم عليه السخرية وهو المواطن ، يزداد فقرا ، بينما يسبح القائمون علي صناعة السخرية في نعيم الفضائيات ، دولارات كانت أو يوروهات ، العلم عند الله .

عودة "باسم يوسف" و "البرنامج" ، أثارت حالة من الجدل والصراع بين المشاهدين ، البعض يري الحلقة صارخة ، والبعض يراها تحفة فنية ، وأنا أضعها تحت عنوان "عاد ليحترف" ، باسم يوسف ، الطبيب سابقا ، ومن وجهة نظري مبدع  و محظوظ  ، إمتهن السخرية ، له كل الحق في الإختيار ، الجمهور له كل الحق أيضا في القبول أو الرفض ، علامات إستفهام جالت بخاطري ، لماذا كل هذا الخلط بين برنامج كوميدي وبرنامج إصلاحي؟ لماذا لا يعترف الساخرون أنهم يمتهنون السخرية؟ ولماذا يسمح شباب مستنير أن يصنع تابوهات جديدة ، في عصر نزعم أنه كسر الكثير من التابوهات؟ هل يعترف كل طرف بالمساحة التي يتمتع بها الآخر من حرية التعبير ، إذا كانت مهنه يتقاضي عنها المال ، فهو مستفيد ، هل يمكن الإكتفاء بالبرنامج مرآة للمجتمع ، لماذا الإصرار علي تجاهل بيت القصيد وهو "اكل العيش".

كنت ولا زلت لا اجد من يصيغ بجدية تعريف واضح للشعار الدائم حرية الاعلام وحرية الرأي و حرية التعبير ، ضمن متطلبات الثورة ، حتي الأطراف التي علت الهتاف مطالبة بها لا تستطيع منحي تعريف علمي دقيق ، فتجد من يريد التعبير عن الرأي بما يتناسب مع أفكارة وقناعاته ، بينما يرفض حرية تعبيرك عن الرأي بما يخالفه ، البعض شن حربا شرسة لجعل البرنامج منارة للقيم ، رغم كل التجاوزات اللفظية والإيحاءات في المحتوي ،  وهناك من يعتبر حرية الرأي مفتوحة لكل ما هو أخلاقي أو غير أخلاقي ، وكأن حياتنا معمل للتجارب ، وهناك من لايقبل أي تجاوز ويرفض مصطلح للكبار فقط ، فالجدل الجديد سيكون لتعريف ما هو اخلاقي او غير أخلاقي وتستمر حالة الدوران في فلك الشعارات.

كانت الحاجة الملحة لصناعة "البيرة" ، قديما سببا في التنمية والإستقرار ، لماذا لا تكون السخرية حافز بالمثل؟ لا اعتقد أن أهمية البيرة العلاجية كانت أول أسباب إستخدامها ، بل كان السبب هو أهمية الحالة المزاجية التي تصنعها ، فمذكور تاريخياً كونها شريك في العادات والمناسبات الإجتماعية قديما للشعوب ، والسؤال لماذا لا نجد من العقلاء من يتدخل ليستغل الحاجة المُلحة للسخرية ويحولها إلي دافع إجتماعي للتغيير ، علاج للفيروسات الحية في المجتمع ، مزاج مبهج نخرج منه أحيانا بحالة من السكر فتنسينا ألم المعيشة ، بينما آخرون يساهمون في حل السلبيات بدلا من تبادل الإتهامات؟ كل ما أرغبة أن يكون التخصص حلا ، لا تجعلوا من "البرنامج" اكثر من كونة برنامج كوميدي ساخر ، فيفقد قيمتة ويفقد إبداعة ، وتفسده التقييمات والصراعات السياسية والمجتمعية.

إذا سألت الشيوخ من الفلاحين لأفادوك ، إذا أطعمت البعير القمح ، زاد وزنه و إعتاد الكسل ، أما إذا أطعمته الشعير ، خلا جسمة من الشحم وإزداد نشاطاً ، فهل يبقي لنا من فائدة الشعير ما يجعل فينا نشاط ، فالبسمة نشاط وراحة ، فليشاهد البرنامج من يشاهد وليقاطعة من يقاطع ، وتكون حرية التعبير وحرية الإختيار سواء ، وليأكل باسم عيشة من الإبتسامة لا أكثر ، ورجاء أن لا تنافقوة ، وإبحثوا عن القدوة في من يستطيع أن يتحمل عبء الحرية والأخلاق معا ، لصناعة مستقبل اكثر أملا وأكثر أخلاقا وإبداعا ، إتركونا لإلتقاط الأنفاس ،فكما قال هاموشير لعبدوس الوزير "البعير هلك".


بقلم : دعاء سليط ....في 10 فبراير 2014
للتواصل عبر تويتر
https://twitter.com/just_me_didi


No comments:

Post a Comment