Thursday, June 26, 2014

الواد مسك المقص


لن أنسى أني أول مرة شاهدت هذا الفيلم كنت في السوبرجيت والطريق كان طويل وشدتني الفكرة برغم تكرارها، إلا أني من محبي كوميديا عادل أمام رغم خروج بعض المشاهد عن النص أحيانا، لكنه مشهد محفور في الذاكرة لايمكن تخطية للرائع "حسن مصطفي" و فرحته وابتهاجه بابنه اللي هو "الواد محروس بتاع الوزير"، تعبير رائع وفكرة عبقرية من يوسف معاطي، تجسيد "للأفورة" أي المبالغة في الصغائر داخل مجتمع بسيط ريفي خرج منه مجند ليكون "شماشيرجي" للوزير في لحظة ليستمر في الصعود إلى أن يصل لمجلس الشعب.
يومياً المشهد في ذهني ، أضحك ساخرة ، مجتمع خلف خلاف، وخصوصاً عبر الأجواء الفيس بوكية والتويترية و السوشيال ميدياوية بشكل عام، وربما موجود في الشارع لكن "إن الله حليم ستار"، مع نافورة الأخبار المستمرة الصغيرة أو الكبيرة تسمع رد الفعل حولك "الواد مسك المقص"، حالة من الهيافة الغير عادية في التعامل مع كل الأحداث علي كافة الأصعدة، اجتماعي ،سياسي ، اقتصادي ، كروي .
تصحي الصبح تقرأ أول خبر يقابلك "السيسي يقابل ملك السعودية في الطيارة" وإذ فجأة ينزل التتر ويبدأ المشهد، أكشن، " الله أكبر ...محروس مسك المقص، الواد مسك المقص"، لحظة ... متفهمونيش غلط، المعجزة في هذا التتر إنه بيستخدم مع كل الاتجاهات، المؤيد الطايح، والمعارض البايخ، الكل ماشي بلا هدى، أيوه والله بلاهدى ، فأي حاجة عند الطايح تستحق الإشادة حتي ولو واجب ، ويقابلها أبوخ بواخة من البايخ أنه معترض علي طول الخط ، لدرجة إنه لو سمع إن السيسي بيشرب ميه الصبح ، هاينزل نفس التتر بنفس المزيكا، لا عقل ولا فكر ولامضمون.
الفيلم فيه مشهد تاني عبقري ينطبق علي نفس الحالة، وهو بيحكي عن الطلقة اللي صابت صباعه والبطولات اللي عملها وشجاعته وهو بيهدد الولد المعتدي وبيقوله "اضرب ياله اضرب ياله"، بشوف الحواديت دي كل يوم ، لدرجة أني تخيلت حياتنا اتحولت لحواديت بيحكيها "المحروس" وهو ع المصطبة ، والباقيين مذبهلين اذبهلالاً في الاستماع للمعجزات اللي بيحكيها ، وهو مستمتع في الضحك علي العقول حتي لو قالهم أنه طلع عليه الغول ،وكأن مفيش مخلوق واحد عنده عقل في رأسه يعرف بيه خلاصة ويميز أي تمييز بين المعيز والجميز، حيث الأول نقول فيه دعاء الركوب والتاني نأكله.
المحصله يا صاحبي، إن كل الأشياء فقدت قيمتها ، ومقامها وجديتها ، وكل واحد عاوز بلد علي مزاجه وحكومة علي مزاجه ، وثورة علي مزاجه ، ده في ناس مش عاجبها مزاجه نفسه ، تحس إنهم ماشيين علي دماغهم بالمشقلب وخلاص ، كأنه هدف ، دي بلد مش جمباز يا كابتن ، حاجة تفرح بقي عندنا ناس شغالة بالزمبلك (اللي مش عارفه اكتبها بالنون ولا بالميم)، أول ما تسمع كلمة "السيسي" تشتغل في نشيد الصباح ، سواء الخبر حلو ولا وحش ، هنشوف المشهدين بحذافيرهم ، كمان أتخيل في ناس منتظره حتي تتمحك علي أول تلات حروف من الاسم علشان الزمبلك يشتغل يادوب تسمع حد بيقول "سيــ....... " وهووووب "الواد مسك المقص" بس مرة المقص هايكون أبيض يقص شريط ، ومرة هاتسمع إن المقص اسود ومش شرعي ، الحالة دي زي ما وصف "محروس" في الفيلم بالظبط في تعريف طلقة الصوت وإنت بتقول "يا أبو الفتوح ...قبل ما تقول أوووح دي تكون الطلقة طلعت في الأوووح"
وطبعا مش ممكن أنسي الفضل الكبير والقدوة اللي بتقوم بيها بعض الأجهزة في الدولة وأهمها، الإعلام والداخلية، اللي أصبح أهم شعار عندهم وغالباً هايتم تحويله لمادة دراسية العام القادم ، تحت مسمي "تعالى في الهايفة واتصدر" ووارد يدرسهالنا الواد "محروس" بذات نفسه ، وساعتها هاتكون "الأفورة" أكاديمية ومدروسة ، تتكلم عن ملصقات ماشي تتكلم عن قرش البحر وماله ، تتكلم عن الطيارة ميضرش ، عن البن البرازيلي وأعمل لي فنجال يا حج ، وكله كوم و"أفورة" المليونيات اللي ماليه شوارع البلد كل يوم علي شاشة "المحروس" القطري الكبير حدث ولا حرج، فين دول؟ "اضرب ياله" ، فإذا كان ده حال مؤسسات تفتكر اللي قاعد فاضي يعمل إيه؟ يا عزيزي البلد كلها أصبحت "الواد محروس بتاع الوزير" .
وقبل مانقول سلام ... هل نسيت أن تقول "الواد مسك المقص النهاردة" ولا قلت؟

للتواصل مع الكاتبة عبر تويتر @just_me_didi



No comments:

Post a Comment