Thursday, February 6, 2014

عندما لا نأكل الشيكولاتة

تلك التي تمنحك كل الأحاسيس لحظة انصهارها في الفم، حالة من السعادة كأنها أجنحة تحلق بك بعيدًا.. كأنك تقع في الحب لأول مرة، ابتسامة هادئة في ثغر تحمل شفاه علامة سمراء من بقاياها، يُقال أنها تحافظ على القلب – أشك – فهي تزيد من ارتجافه.

كيف لنا أن نترك كل هذه الأحاسيس، فقطعة واحدة تدفع الدم دفعًا إلى شرايينك، هذا الدفئ الذي يتسلل إلى الأنامل مثل المرة الأولى في حضن يحتويك، تلك الرائحة التي نقترب منها لنأخذ شهيقًا وكأنه النفس الأخير في الحياة، هذا الملمس الحريري وكأنها بشرة الأطفال.

أصلها مُر.. نعم فتلك الشيكولاتة الداكنة، أجملها وأفيدها وأرقاها، لكنها صعبة المذاق، هكذا الأشياء الثمينة دومًا، تكون صعبة الاقتناء، نعاني حتى نعثر عليها، ونبتغيها رغم مُر مذاقها.. غريب هو الإنسان في علاقته بالأشياء وحبها.

هل هناك بديل ليحقق نفس الإشباع، لا أعتقد فتلك الحاله لا تتحقق بدون المُشبع، فقط دون غيره، كم هو مؤلم جدًا أن تمضي الأيام ونحن لا نعرف طعم الشيكولاتة ، والأصعب أن نعرفه جيدًا لكن تمنعه عنا الحياة، فنشتهيها ونلتزم الصمت.

البعض في عشقها مخمور حد الإدمان، رغبه ملحة كالمخدر تسري في العروق، النشوي تملأ المشاعر، ويبدأ السفر بعيدًا إلى لا مكان سواها هناك، عالم من الخيال والسحر، يغيب ويبقى الشعور بالاحتياج الذي لا ينتهي.

قطعتي المفضلة، قالب الشيكولاتة الداكنة الذي لم أتذوقه، أحتفظ به ولا أقربه، أفتقد حلاوتة ومُرّه، والطاقة التي يمنحني إياها، هالة الضوء التي أرتقي معها إلى عنان السماء، تلك المشاعر التي تندفع في الروح ورائحه البهجة.

عندما لا نأكل الشيكولاتة تغيب تلك المشاعر، وتختفي السعادة التي تمنحنا إياها، تحزن الشفاة ويصمت اللسان، تسأل الأنامل أين تلك اللمسات الناعمة، يفقد القلب دقة ويرقد في سكون، ربما يخفت الضوء في العين أحيانًا، ونفتقد المُر منها ولو لاذع.. الحال ليس ببعيد، في الحب أيضًا، فلون عينيه ولون الشيكولاتة سواء، ودفء قلبه ومر طعمه منه دواء، وخدر المشاعر أقوى من الإدمان.. هكذا افتقدهما معًا.. فقط يحدث عندما لا نأكل الشيكولاتة.


نشر هذا المقال في الوطن الالكترونية بتاريخ 3فبراير2013

1 comment:

  1. كلمات رائعة وانسيايبة في رشاقة تعبيراتها اشعرتني انني اريد قطعة من الشيكولاته فعلا - LORD -

    ReplyDelete