Thursday, January 16, 2014

البوح في زمن الديجيتال

"شحات الغرام"، مشهد رومانسي حلمنا بيه كلنا، محمد فوزي بيغازل ليلي مراد وبيترجاها تعطف عليه، "عبدالحليم" في المركب بيغني "أنا لك علي طول" للجميلة إيمان، في ناس كل ما تشوف الغنوة تعيط.. كانت أحلامنا بسيطة، لكن كان في مليون طريقه نتكلم بيها، ياااما اتكتبت جوابات، وناس مشيت ورا ناس بالمشوار، وكام واحد سأل طوب الأرض على نمرة تليفون، وعربيات بالكاسيت تقف تحت البلكون، مش من زمن بعيد الكلام ده، وأكيد في مكان ما لسه بيحصل، إنما عندنا هنا.. "نحن نختلف عن الآخرين".

في جمهورية الفيسبوك، واحدة من الأكوان الموازية في حياتنا، ظهرت لعبة الأرقام الغامضة فجأة في ليالي الكريسماس الباردة، الكل بيسأل إيه الأرقام المنتشرة دي ومعناها إيه؟ ،حالة هوس فجائية، وبعد فتره قدرت أفهم إيه الحكاية، جربت أشارك واكتشفت حتي إني لعبتها غلط، قالولي قواعد اللعبة مختلفة، كانت إجابتي المعهودة "القواعد اتعملت لنكسرها"، معجبتنيش برغم إن كل رسائلي وصلت في محلها.

"لماذا لا نستطيع البوح؟"، سؤال أطلقه نصي التاني وقال لي اكتبي فقلت وماله، ولما فكرت أكتب ملقتش إجابة للسؤال، صحيح هو إحنا ليه بطلنا نتكلم ونتصارح؟، ولا هو الكلام خلص؟، فضلت ألف وأدور حوالين الكلام، أخيرًا اكتشفت إن الحكاية مش مجرد لعبة أرقام، الحكاية إن حياتنا كلها بقت أرقام، كلنا نسبح يا أعزائي في بيسين "الديجيتال".

بين الريموت كنترول والموبايل، تجد السخان بالتايمر والبلازما والتاتش سكرين، واللي معاه الريموت كنترول نفسه يكون معاه كمان تكنولوجيا تقفل مفتاح الإضاءة من بعيد، الكسل أحلى من العسل ياعزيزي، لكن إزاي الكسل وصل للمشاعر؟.

متعة كبيرة لما عينك تشوف البسمة في وش حنون قدامك، واقف قادر ببساطة يصارحك بمشاعره، ممكن حب، شكر، وممكن حتى عتاب، صوت داخل في ودانك بهدوء، قادر يعلن عن أفكاره بصوت مسموع.. إزاي قادرين نستغني عن البهجة في الأوقات دي؟، ليه قادرين نعّبر عن الغضب ومش قادرين نقول تقديرنا للناس في العلن؟.. الغضب بقى سهل يطلع بصوت عالي، والشتيمة بقت سهلة ومعلنة، إنما لو كلمة حب ليه خايفين؟.

كلنا اتحولنا لمجرد رقم إما نمرة موجودة على الموبايل، صعب تحفظها زي زمان، أو رقم في بطاقة اسمك مربوط باسم، جايز كل صلته بيك إنك رقم في حياته، والجديد إننا بقينا أشخاص ديجيتال، علاقتنا ببعض أرقام على الفيس بوك علشان نقدر نكلم بعض!َ.

للدرجة دي مشاعرنا مخيفة؟ ولا ردود أفعال الناس هي اللي مزعجة؟ فكرت كتير، ليه مقدرش أقول لصديق إنت وحشتني، من غير ما يكون رد الفعل أكيد دي حبيبته؟، لو كانت أفكارنا بسيطة، بالتاكيد لن نهتم برد الفعل، إحنا عايشين في جمود.

شوفوا حياتنا من قريب فيها مين: أهل وقريب وابن وصديق وحبيب وغريب، كل دول محتاجين نبوح لهم، لو فارقين في حياتهم أو فارقين في حياتنا، ممكن نتكلم كل لغات الدنيا، سهلة وبسيطة نتعلمها، إنما أصعب لغة ممكن تواجهنا لغة "البوح"، لو لقينالها وسيلة هانغير في حياتنا، سيبوا مساحة ود تفضل بينا، خط بسيط نتواصل فيه من غير أرقام، يمكن لما "البوح" يصبح مسموح، تتلم جروح وتطيب، أنا مش هاستسلم للأرقام، وإنت ها تستسلم بعد اللي قريته ولا ها يبقي البوح مسموح؟.



No comments:

Post a Comment